لم السماء زرقاء؟ ولماذا نراها جميلة؟ ما هي فلسفة الجمال وهل هو محض صدفة؟

لم السماء زرقاء؟ ولماذا نراها جميلة؟ ما هي فلسفة الجمال وهل هو محض صدفة؟

تظهر السماء باللون الأزرق بسبب ظاهرة تعرف باسم تشتت رايلي. يحدث هذا عندما يدخل ضوء الشمس الغلاف الجوي للأرض ويصطدم بجزيئات الغاز مثل الأكسجين والنيتروجين. تنتشر الأطوال الموجية الزرقاء الأقصر للضوء على نطاق أوسع في جميع الاتجاهات بواسطة جزيئات الغاز هذه ، مما يجعل كل جزيء كأنه مصباح يصدر منه ضوء وهذا ما يجعل السماء تبدو لأعيننا بهذه الألوان الجميلة.

أما لماذا ننظر إلى السماء الزرقاء على أنها جميلة ، فهذه مسألة تفضيل شخصي وتأثيرات ثقافية. قد يجد بعض الناس المساحة الشاسعة للسماء الزرقاء مهدئة وهادئة ، بينما قد يربطها آخرون بمشاعر السعادة والفرح. بالإضافة إلى ذلك ، قامت العديد من الثقافات بدمج اللون الأزرق في فنها ورمزيتها ، مما قد يساهم في إدراكنا له على أنه لون جميل.

هل ظاهرة تشتت رايلي تفيدنا كبشر؟

تشتت رايلي ليس له فائدة مباشرة وملموسة للبشر. ومع ذلك ، فهو ظاهرة طبيعية مهمة تساعد على تنظيم درجة حرارة الأرض وحمايتنا من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، حيث يساعد تشتت الضوء الأزرق بواسطة الغلاف الجوي على تشتيت بعض ضوء الشمس القادم بعيدًا عن سطح الأرض ، مما يقلل من كمية الحرارة التي يمتصها الكوكب. يساعد ذلك في تنظيم درجة حرارة الأرض وإبقائها ضمن النطاق المناسب لسكن الإنسان.

بالإضافة إلى ذلك ، يساعد تشتت الأشعة فوق البنفسجية في الغلاف الجوي على حمايتنا من الآثار الضارة لهذا النوع من الإشعاع ، والذي يمكن أن يتسبب في تلف الجلد وتلف العين ومشاكل صحية أخرى. بدون الغلاف الجوي وخصائصه المتناثرة ، ستكون الأرض أقل ملاءمة لحياة الإنسان.

صحيح أن المظهر الجمالي لألوان السماء شخصي ويختلف من شخص لآخر. ومع ذلك ، هناك بعض الصفات الجمالية للسماء التي يجدها أغلبية الناس جذابة ، مثل الألوان الناعمة لغروب الشمس أو الأشكال الدرامية للسحب في العاصفة الرعدية. وقد ترتبط هذه الصفات الجمالية بالاستجابة العاطفية التي يمكن أن يثيرها مظهر السماء ، مثل مشاعر الرهبة والاندهاش والصفاء. قد يجد بعض الناس أن جمال السماء يبعث على الهدوء أو الإلهام ، بينما قد يقدر الآخرون ببساطة خصائصها الجمالية دون إبداء أي أهمية عاطفية معينة لها. لذلك ، في حين أن جمال مظهر السماء قد لا يكون له أي فوائد عملية مباشرة ، إلا أنه لا يزال من الممكن أن يكون له تأثير إيجابي على رفاهيتنا العاطفية وإحساسنا بالارتباط بالعالم الطبيعي.

فلسفة الجمال

تعد فلسفة الجمال من أقدم الموضوعات التي تناولتها الفلسفة، وهي موضوع يستدعي الكثير من الانتباه والاهتمام لأنه يتعلق بالشعور الإنساني الأساسي وهو الجمال. ويتضمن مفهوم الجمال العديد من المفاهيم المرتبطة بالشكل، الحركة، اللون والصوت، والعديد من العوامل الأخرى التي تتعلق بمدى قدرة الإنسان على تحقيق الاتزان النفسي والروحي والجسدي.

وتنتج قابلية الإنسان للإحساس بالجمال عن تفاعل تعقيدات عدة تتعلق بمراكز الدماغ المسؤولة عن معالجة الإشارات الحسية الواردة من العينين والأذنين والجلد وغيرها من الأعضاء الحسية الأخرى. ويمكن للإنسان الإحساس بالجمال في أي شيء، سواء كانت الطبيعة، أو الفن، أو الحيوانات، أو البشر، أو الأفكار، أو الأشياء الأخرى التي تستحق أن يعرفها الإنسان.

ومن المهم الإشارة إلى أن فلسفة الجمال ليست مجرد مجموعة من النظريات والفروض التي تتعلق بالجمال، بل هي قضية ذات صلة بالعاطفة والشعور، ولهذا فإنه يصعب تحديد ماهية الجمال بشكل دقيق وصريح.

الجمال ونظرية التطور

تحاول نظرية التطور أن تشرح أصل الجمال في الحياة الطبيعية والبشرية، حيث تؤكد هذه النظرية على أن الجمال لا يمكن تفسيره على أساس المفاهيم التقليدية والمعتادة، وأنه يتم فهمه بشكل أفضل إذا تم النظر إليه من منظور تطوري.

وتفسر نظرية التطور الجمال على أنه نتيجة تطور طبيعي ينشأ عن التكيف الذي يحدث في الكائنات الحية مع البيئة التي تعيش فيها. ويعتبر الجمال جزءًا من آلية التكيف هذه، حيث تتميز الكائنات الحية الجميلة بميزات تجعلها قادرة على التكيف والبقاء في بيئتها.

وتعزز نظرية التطور فكرة أن الجمال يعتمد على مفهوم الانتخاب الطبيعي، حيث يتم اختيار الشركاء المناسبين للتزاوج والتكاثر بناءً على الميزات التي تشير إلى الصحة والعافية والقدرة على البقاء في البيئة. ومن خلال هذه العملية، يتم اختيار المميزات الجميلة وتوريثها إلى الأجيال القادمة.

ويعتبر الإنسان أيضًا جزءًا من هذه العملية، حيث يتم اختيار الشركاء المناسبين للتزاوج والتكاثر بناءً على الميزات الجميلة والمؤشرات على الصحة والعافية. وتؤثر الثقافة والتربية والتوجهات الاجتماعية على فهم الجمال في المجتمعات المختلفة.

وبما أن الجمال يعتمد بشكل كبير على الحس الجمالي، فإنه يمكن أن يتأثر بعوامل متعددة مثل الثقافة والخلفية الاجتماعية والدينية والتربوية والفنية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحس الجمالي قابل للتعلم والتطوير، حيث يمكن للفرد أن يتدرب على تطوير حسه الجمالي من خلال الاستمتاع بالفنون والطبيعة والموسيقى والأدب وغيرها من الجوانب الجميلة للحياة.

يقول الله تعالى في القرآن: “ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين”، فهل كان يقصد ظاهرة تشتت رايلي التي ذكرناها في الأعلى حيث يصبح كل جزيء كأنه مصباح يصدر منه ضوء وهذا ما يجعل السماء تبدو لأعيننا بهذه الألوان الجميلة ، وهل يمكن أن تكون الشياطين وبحسب المعاجم العربية هي كلُّ متمرِّد مفسد، مثل الشهب المتمردة عن أي مدار أو الأشعة الضارة والتي يمكن أن تسبب أذى للناس فتحمينا السماء منها؟

والسؤال الأساسي هنا هل الجمال عامل مقصود في التصميم الإلهي والهدف منه إضفاء متعة وسعادة على حياة الناس من خلال الاستمتاع به والاستفادة منه في نفس الوقت؟ فالله ذكر كثيراً في القرآن أنه يريد للناس الخير.

أم أن كون ألوان السماء جميلة ووجود القابلية لإحساسنا بالجمال ووجود الفائدة الكبيرة لهذه الظاهرة، هو محض صدفة كما تخبرنا به نظرية التطور؟

 

الصور من عمل:

MLisandra

Pablo Heimplatz

 

اترك تعليقاً