فكرة كتاب عصر الرشد، بيان ثوري نحو ديمقراطية عالمية – لجورج مونبيوت

فكرة كتاب عصر الرشد، بيان ثوري نحو ديمقراطية عالمية – لجورج مونبيوت

يقدم هذا الكتاب شرحاً دقيقاً ومفصلاً للنظام العالمي الذي يحكم عالمنا، كيف أن حفنة من الرجال في الدول الغنية يستخدمون السلطة العالمية التي يزعمون أنهم يمتلكونها، كي يفرضوا ويحددوا لبقية العالم الأسلوب الذي يجب أن يعيشوا فيه. ويعتبر هذا الكتاب كبيان ثوري يحاول أن يستبدل عصر الإكراه الذي نعيش فيه بعصر الرشد والتوافق.

يقدم الكاتب في هذا البيان سلسلة من المقترحات المثيرة للجدل والتي سترهب جميع الأشخاص الذين يفكرون ويبحثون عن الحق والصواب. وقد سعى في بحثه هذا إلى اكتشاف الوسائل اللازمة لتقديم فكرة نظام عالمي جديد، تدار به المؤسسات في العالم من الشعوب ولصالح الشعوب.

لم يكن الكاتب يسعى في بحثه عن الشروط اللازمة لتحقيق عصر الرشد، أن يكون مبتكراً، حيث سبق أن تم وضع حلول فعّالة من قبل، وقد اعتمد عليها، وإن كان في معظم الحالات قد شعر بالحاجة إلى مراجعة وتطوير الحجج المقدمة. بعض السياسات التي اعتمدها مثلاً تراثية عمرها ثلاثة آلاف سنة. وفي المكان الذي يرى فيه أن الاقتراحات المقدمة ليست كافية، عندها يقوم بتقديم اقتراحات جديدة. وربما يكون الاقتراح المبتكر الذي قدمه هو اكتشاف التآزر في بعض من تأثيرات مقترحاتهم المقدمة، والبدء في وضع ما يآمل أنه نظام ذاتي التعزيز متماسك في كل من عناصره – السياسية والاقتصادية – يدافع ويعزز في كل عنصر من عناصره عن الآخر.

وقد حاول أن تكون مقترحاته قابلة للتطبيق بمواردنا الحالية المتوفرة، بدءاً من الظروف الراهنة التي نمر بها. هذا لا يعني أن أياً من التحولات التي اقترحها ستكون سهلة. فأي تغيير مهم يستحق النضال من أجله، سينطوي على صعوبة كبيرة ومخاطر حقيقية.

وهو لا يزعم أن مقترحاته لنظام عالمي جديد هي نهائية أو مؤكدة. على العكس من ذلك، هو يآمل أن الآخرين سوف يقومون بصقلها وتحويلها، وإذا لزم الأمر بإمكانهم إسقاطها لصالح مقترحات أفضل منها. لقد حاول تصميم نظام يسمح، وحقيقة يشجع تحسينه الذاتي، ويساهم بتعبئة العبقرية الجماعية بشكل مطلق العنان. وهذه المقترحات بطبيعة الحال ما هي إلا وسيلة لتحقيق الغاية. فإذا فشلت في تحقيق العدالة العالمية فلا بد من هدمها وأن يداس عليها بالأقدام، مثلها مثل الكثير من المقترحات التي فشلت قبلها.

مقتطفات من الكتاب:

سأقدم في هذا البيان سلسلة من المقترحات المثيرة للجدل والتي سترهب جميع الأشخاص الذين يفكرون ويبحثون عن الحق والصواب. كثير منهم للوهلة الأولى أو من حيث الفهم قد أصابني بالرعب. لقد سعيت في بحثي إلى اكتشاف الوسائل اللازمة لتقديم فكرة نظام عالمي جديد، تدار به المؤسسات في العالم من الشعوب ولصالح الشعوب.

إن اكتشافاتهم ألزمتني أولاً أن أعيد النظر في القضايا التي كافحت من أجلها لعدة سنوات. وقد أجبرتني عملية المراجعة هذه أن أدرك أن بعض المواقف المعارضة التي اتخذتها في الماضي كانت خاطئة. وقد بينت لي أن هذا التحالف الواسع والفوضى التي أنتمي إليها، والتي تدعى الآن على نطاق واسع باسم “حركة العدالة العالمية”، كان تشخيصها خاطئاً لبعض جوانب هذا المرض، ونتيجة لذلك، كانت تقدم وصفات خاطئة.

لم أكن أسعى في بحثي عن الشروط اللازمة لتحقيق عصر الرشد، أن أكون مبتكراً، حيث سبق أن تم وضع حلول فعّالة من قبل، وقد اعتمدت عليها، وإن كنت في معظم الحالات قد شعرت بالحاجة إلى مراجعة وتطوير الحجج المقدمة. بعض السياسات التي اعتمدتها مثلاً تراثية عمرها ثلاثة آلاف سنة. وفي المكان الذي أرى فيه أن الاقتراحات المقدمة ليست كافية، عندها أقوم بتقديم اقتراحات جديدة. وأعتقد أن الاقتراح المبتكر الذي قدمته كان اكتشاف التآزر في بعض من تأثيرات مقترحاتهم المقدمة، والبدء في وضع ما آمل أنه نظام ذاتي التعزيز متماسك في كل من عناصره السياسية والاقتصادية، يدافع ويعزز في كل عنصر من عناصره عن الآخر.

وقد حاولت أن تكون اقتراحاتي قابلة للتطبيق بمواردنا الحالية المتوفرة، بدءاً من الظروف الراهنة التي نمر بها. فكثير من الخطط والمقترحات التي وضعها بعض أعضاء “حركة العدالة العالمية” يبدو وكأنها قد صُممت لتطبق من قبل شعوب أخرى في كوكب آخر. هذا لا يعني أن أياً من التحولات التي اقترحتها ستكون سهلة. فأي تغيير مهم يستحق النضال من أجله سينطوي على صعوبة كبيرة في تحقيقه. في الواقع إذا لم يكن هناك صعوبة في النضال لقضية ما، فكن على ثقة أن القضية التي تعمل عليها ليست جديرة بالاهتمام، ويمكن أن تتأكدوا من فعّالية قضاياكم من خلال هذا المؤشر، وهو أن الجهات التي تريدون نزع السلطة منها لم تشعر بأي تهديد يذكر من جهودكم. سنعرف أن نهجنا ونضالنا يعمل فقط عندما تتم مواجهته باستخدام العنف.

وأنا لا أزعم أن اقتراحاتي لنظام عالمي جديد هي نهائية أو مؤكدة. على العكس من ذلك، فإنني آمل أن الآخرين سوف يقومون بصقلها وتحويلها وإذا لزم الأمر بإمكانهم إسقاطها لصالح مقترحات أفضل منها. لقد حاولت تصميم نظام يسمح، وحقيقة يشجع تحسينه الذاتي، ويساهم بتعبئة العبقرية الجماعية بشكل مطلق العنان، وذلك كلما ناقش أصحاب الفكر الحر قضية ما، ومن دون أي عوائق. وهذه المقترحات بطبيعة الحال ماهي إلا وسيلة لتحقيق الغاية. فإذا فشلت في تحقيق العدالة العالمية فلا بد من هدمها وأن يداس عليها بالأقدام، مثلها مثل الكثير من المقترحات التي فشلت قبلها.

وأنا لن أقوم بشرح مقترحاتي لهم هنا، حيث سيؤدي ذلك إلى تشجيع بعض القراء أن يتصوروا أنهم قد فهموها، وأنه ليس هناك حاجة إلى قراءة المزيد من التفاصيل. وأعتقد أنه من الإنصاف القول بأن المقترحات وآثارها لا يمكن أن تفهم في جوهرها ما لم يتم الغوص أيضاً في التفاصيل. إن المشاريع الرئيسية الأربعة المقترحة في هذا البيان هي كالتالي: برلمان عالمي منتخب ديمقراطياً؛ دمقرطة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإعطائها الصلاحيات المخولة الآن لمجلس الأمن؛ اتحاد المقاصة الدولي الذي يلغي أتوماتيكياً العجز التجاري ويمنع تراكم الديون الدولية؛ منظمة التجارة العادلة، التي تضع القيود على الأغنياء بينما تقوم بتحرير الفقراء.

آمل أنني قد وضعت مقترحات لا تعتمد في نجاحها على حسن نية الحكومات والمؤسسات صاحبة السلطة الأقوى في العالم. فصاحب السلطة لا يمكن أن يتنازل عن سلطته طوعاً. فإذا كنا نريد تحقيق العدل فعلاً، فيجب على الشعوب اغتنامها والاستيلاء عليها. لأنه ولأسباب واضحة، يمكن توقع أن أصحاب السلطة الحالية سيقاومون بكل شراسة مثل هكذا تغييرات في صلاحيات سلطتهم الحالية، يجب إما أن يتم تجاوزهم أو أن يتم إجبارهم على الامتثال للتغيرات الجديدة. أعتقد، كما سيظهر في الفصول اللاحقة، أنني قد اكتشفت بعض الأساليب القاسية وغير العادية التي ستساهم في تدمير مقاومتهم.

أنا أطلب شيئا واحداً منكم فقط – أن لا يتم رفض هذه المقترحات حتى يتوفر لديكم مقترحات أفضل منها لتحل محلها. فقد استسهل جداً كل من حركتنا في العدالة العالمية ومنتقدوها، في إقصاء المقترحات التي لم يتوافقوا معها دون تقديم أي اقتراح منهم لتدابير أخرى بديلة قابلة للتطبيق، وبالتالي أدى ذلك إلى منع إحتمالية التغيير الجذري. إذا كنت تعتقد أن الشعارات هي البديل للسياسات، أو أننا إذا أحببنا جميعناً بعضنا البعض بشكل أكثر، فسوف يؤدي ذلك إلى حدوث تحول في الوعي ولن يظلم شخص أحداً بعد ذلك، إذا أنت تضيع وقتي ووقتك معنا هنا.

 

الصورة من عمل: MusikAnimal

اترك تعليقاً